السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل
ما هو رأيك في هذا الموضوع ؟
يقول كاتب الموضوع أن الله أنزل ثلاثة صلوات وليس خمسة أريد أن أعرف أجوبة على هذا الموضوع ألا يوجد الضهر و العصر في القران
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
هذا كلام ساقط متهافت ! بل هو كُفر وزندقة !
وهو يُذكّرني بما يُروى أن أعرابيا بَال في بئر زمزم في موسم الحج طَلَبًا للشّهرة !
وهذا القول أوهى وأضعف من أن يُرَدّ عليه .
ويكفي في ضعفه أنه لم يَقُل به أحد من العقلاء فضلا عن أهل العِلْم !
فالصلوات الخمس جاءت الإشارة إليها في القرآن الكريم ، وجاء تفصيلها في السنة النبوية ، وأجمعت الأمة قاطبة على أن الصلوات المفروضة خمس صلوات .
بل لو سألت طفلا من أطفال المسلمين أو عجوزا من عجائز العَجم لأجابتك بأن الصلوات المفروضة خمس صلوات ..
ومن أنكر شيئا منا فهو زنديق ، قد أنكر ما هو معلوم مِن الدِّين بالضرورة ، فيُستتاب ، فإن تاب وإلاّ قُتِل مُرتدا .
وقد دلّ القرآن والسنة على فَرض صلاتي الظهر والعصر .
قال تعالى : (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) .
وبهاتين الآيتين استَدَلّ المفسِّرون على الصلوات الخمس .
قال ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية : جَمَعت الصلوات ؛ (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) المغرب والعشاء ، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) صلاة الصبح ، (وَعَشِيًّا) صلاة العصر ، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) صلاة الظهر . رواه ابن جرير الطبري .
وروى نحوه عن الإمام مجاهد بن جبر وعن الإمام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال الإمام السمعاني في تفسيره : وفي الآية إشارة إلى أوقات الصلاة الخمس . اهـ .
وأما الأحاديث فهي كثيرة جدا .
ففي حديث أبي هريرة المتفق عليه قال : صَلّى بِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العَشي .
قال القاضي عياض : قوله : " إحدى صلاتيّ العشيّ " يريد الظهر والعصر ، وكانوا يُصلون الظهر بعَشيّ ، والعَشيّ ما بعد زوال الشمس إلى غروبها . قال الباجي : إذا فاء الفـئ ذراعا فهو أول العشيّ . اهـ .
ومنه قوله سبحانه وتعالى : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ) .
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العَشِيّ - الظهر أو العصر - وهو حامل الحسن أو الحسين ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كَبّر للصلاة .. الحديث . رواه الإمام أحمد والنسائي .
وفي أحاديث الإسراء والمعراج أن الله فَرَض على أمة محمد صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة . وهي مُخرّجة في الصحيحين .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُجيب من سأله عن الصلوات المفروضة بأنها خمس صلوات ، كما في حديث طلحة بن عبيد الله أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس ، يُسْمَع دَوِيّ صوته ولا يُفقه ما يقول حتى دنا ، فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خَمْس صلوات في اليوم والليلة . فقال : هل عليّ غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوّع . رواه البخاري ومسلم .
وكما في غيره من الأحاديث التي أجاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم من سأله عن الصلوات .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث أصحابه لِدعوة الناس إلى الإسلام ، فيأمرهم بأن يأمروا الناس بِخمس صلوات .
ففي الصحيحين من حديث بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة .. الحديث .
وقال عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب : ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية للبخاري : ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ، وهي صلاة العصر .
وفي حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى صلاة العصر بعدما غَربت الشمس حينما شغله المشركون عنها . كما في الصحيحين .
وصلاة العصر سّماه الله عزّ وَجَلّ الصلاة الوسطى .
قال تعالى : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) ، وكذلك سمّاها النبي صلى الله عليه وسلم كما في الأحاديث السابقة .
بل إن جبريل عليه الصلاة والسلام أمَّ النبي صلى الله عليه وسلم في خمس صلوات .
ففي حديث أبي مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : نَزَل جبريل فأمَّنِي ، فَصليت معه ، ثم صليت معه ، ثم صليت معه ، ثم صليت معه ، ثم صليت معه . يحسب بأصابعه خمس صلوات . رواه البخاري ومسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر . رواه البخاري ومسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : من صلَّى البَرْدِين دَخَل الجنة . رواه البخاري ومسلم .
والبَرْدان : الفجر والعصر .
وجاء التشديد والتأكيد على صلاة العصر .
قال عليه الصلاة والسلام : الذي تفوته صلاة العصر كأنما وُتِر أهله وماله . رواه البخاري ومسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : مَن تَرك صلاة العصر فقد حَبِط عَمله . رواه البخاري .
والأحاديث كثيرة جدا في إثبات الصلوات الخمس ، وفي إثبات صلاتي الظهر والعصر ، ومن أنكرهما فقد كفَرَ ، وعليه التوبة إلى الله .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
=======================================================
=======================================================