الطيب -[[ الفقير إلي الله تعالي ]]-
| موضوع: انتقاد فتاوي العلماء الثقات بالمنتديات 6/23/2024, 11:44 am | |
| السؤال السلام عليكم و رحمة الله و بركاته يا شيخنا الفاضل الله يجزيك الخير و يوفقك لما يحب و يرضى يحدث أحيانا أن أضع فتوى لشيخ من شيوخنا المشهورين الثقات فيأتي رد غريب من الأعضاء قد ينتقد الفتوى أو يتناقش فيها أو يقول أنا أخالف الشيخ فأنا أرى كذا و كذا و صدقا أنا أغضب لأن الشيخ يتحدث عن علم و هو إنسان دارس و أعلم مبلغ الدراسة التي يبلغها حتى يصل لمرحلة الفتوى بينما من يرد على الفتوى من العامة و يتحدث من غير علم فيكون ردي هكذا أرى أننا حتى ننقد كلام شيخ أو نعقب على كلامه بأننا نخالفه و لنا رأي مختلف يجب أن نكون أكثر علما منه أو على الأقل نوازيه علماً . أو ، فالفتوى واضحة و إن كان هناك من يعقب على الفتوى فيجب أن يكون موازي للشيخ الفاضل علماً إن لم يكن أكثر علماً فهل ردي هذا خطأ و خصوصا أن هناك من يرد فيقول لماذا أي تعقيب على كلام شيخ تعتبروه ذنب وجريمة أو أنا لا أقبل أو لم أقتنع بالفتوى مستشهد ب (استفت قلبك) أو أن هذا نوع من قداسة العلماء إلى آخره استعجب من هذا لأننا من أهل السنة و الجماعة و نعلم أنه ليس هناك معصوم إلا الأنبياء عليهم السلام و غالب الفتاوى التي أضعها من موقع الإسلام سؤال و جواب و هو موقع رائع و ثقة فما تعليقكم وفقكم الله
الجواب :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهآمين ، ولك بمثل ما دعوت .كلامك صحيح لِعدة اعتبارات :الأول : أننا أُمرنا أن نُجِلّ الكبير ونَعْرف للعَالِم حقّه ، وأن نُنْزِل الناس منازلهم .قال عليه الصلاة والسلام : ليس مِن أمتي مَن لم يُجِلّ كبيرنا ، ويَرْحم صَغيرنا ، ويَعْرِف لِعَالِمِنا حَقَّه . رواه الإمام أحمد . وقال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني في الكبير وإسناده حسن .وقال الألباني : حسن .والعلماء أعلم بِدِين الله وأعْرَف ، وقد اسْتَشْهَد الله بهم على أعظم مَشْهود ، وهو تَوحيده سبحانه وتعالى ، وقَرَن شَهادته بِشهادتهم ، فقال تبارك وتعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) .قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) : فأمَرَ تَعَالى بِرَدّ الْمُتَنَازَع فيه إلى كتاب الله وسُنة نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء مَعرفة كَيفية الرَّدّ إلى الكتاب والسُّنة ، ويدل هذا على صحة كَون سؤال العلماء وَاجِبًا ، وامْتثال فَتْوَاهم لازِما . اهـ .الثاني : أننا أُمِرنا بسؤال أهل العِلْم ، وبالرجوع إليهم فيما أشكل علينا ، ولم نُترَك لأهوائنا وآرائنا ، ولا لقناعاتنا ، ولا لِفتوى قلوبنا !قال عَزّ وَجلّ : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)قال الإمام القرطبي في قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) : فأمَرَ تَعَالى بِرَدّ المتنازَع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الرَّدّ إلى الكتاب والسنة ، ويدل هذا على صحة كون سؤال العلماء واجبا ، وامتثال فتواهم لازِماً .قال سهل بن عبد الله رحمه الله : لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ، فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم .وفي تفسير قوله تعالى : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا ) .قال رحمه الله : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) أي يستخرجونه ، أي لَعَلِمُوا ما ينبغي أن يُفْشَى منه ، وما ينبغي أن يُكْتَم . اهـ .الثالث : أن الناس اليوم إذا نَزَلتْ بهم نازلة ، أو حَصَلَتْ لهم مشكلة بادروا بسؤال العلماء ، ولو كان ذلك في جوف الليل !فالذي يقع في مشكلة طلاق يُبادِر بالاتصال بأهل العلم ، يسألهم ويستفتيهم .الرابع : لا يجوز الكلام في الكِتاب والسنة إلاَّ عَن عِلْم . قال الإمام الشاطبي : " فإن القرآن والسنة لَمَّا كانا عربيين لم يكن لينظر فيهما إلاَّ عربي ، كما أن مَن لم يعرف مقاصدهما لم يَحِلّ له أن يتكلم فيهما ، إذ لا يصح له نظر حتى يكون عالِمًا بهما ، فإنه إذا كان كذلك لم يختلف عليه شيء من الشريعة " . اهـ .الخامس : احترام أهل الاختصاص ، فإننا لا يُمكن أن نردّ قول طبيب حاذق لِمُجرّد الهوى ! أو أن الطبيب ليس معصوما !وكذلك سائر أهل الاختصاص ، بل حتى في أبسط الأشياء ؛ فالإنسان لا يذهب لبائع الأحذية ليُصلح له سيارته !وأما مسألة " استفت قلبك " فهي ليست في كل مسألة ، ثم إنها ليست للجهّال .قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرح حديث " استفت قلبك " : وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمان ، وكان الْمُفْتِي يُفْتِي له بِمُجَرَّد ظَن أو مَيل إلى هوى مِن غير دليل شرعي ، فأما ما كان مع الْمُفْتِي به دَليل شرعي فالواجب على الْمُستَفْتِى الرجوع إليه وإن لم ينشرح له صدره ، وهذا كالرخصة الشرعية ، مثل الفِطر في السفر والمرض ، وقصر الصلاة في السفر ، ونحو ذلك مما لا يَنْشَرِح به صُدور كثير مِن الْجُهَّال ، فهذا لا ِعبرة به .وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يأمُر أصحابه بما لا تَنشرح به صُدور بعضهم ... وفي الجملة فما وَرد النص به فليس للمؤمن إلاَّ طاعة الله ورسوله ، كما قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)وينبغي أن يُتَلَقّى ذلك بانشراح الصدر والرضا ، فإن ما شَرَعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به والتسليم له ، كما قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) . اهـ .وعلى الإنسان أن يعرِف قَدْر نفسه .. ورحم الله امرءا عَرَف قَدْر نفسهوالله تعالى أعلم .المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد======================================================= ======================================================= | |
|